بانتسيل قبض ثمن كبير لقاء ما فعله
إنتهت
المباراة لنجد مليون صوتآ يحاول أن يدافع عما فعله تريكة، و أنه لم يكن
يريد أن يخرق القانون. و بدا الكل "مكسوف" مما فعله لأن العالم سيوصفنا
"بالهمجية" لأننا نرفع شعارات تتعاطف مع ما يسوقه الغالم بالإرهاب. فتريكة
فعل ما يتوجب على أي رجل شجاع فعله عندما يرى أن الكل تخاذل و "وطى قفاه"
و أراد أن يكون صوتآ و قلبآ لمن لم يعد لهم لا قلب و لا صوت. فما فعله
تريكة تكرر من لاعبين أجانب كثيرون بدافع غير إنساني و صفق لهم العالم
لأنهم لاعيبة "كوول" و نحن لاعيبة "بلدي"
لا تمر دقيقة إلا و نشاهد تلفزيون و محطة فضائية عربية تناقش ما فعله
تريكة إذا كان خطأ أم لا. هل أصابنا البلاهة لهذه الدرجة؟ أي شيء سنفعله
لمصلحتنا سيكون خطأ و "عيب" و قلة أدب فنحن الدرجة الثالثة و "السبنسة" و
ما يصدر منا هو قمة التأخر و التطرف و الجهل و كل الكلمات المرادفة لهذه
المعاني، بينما نفس الحالات في الغرب و أوروبا يصفق لها الإعلام و الصحافة ويعتبروهم أبطال لأنهم يقولون رأيهم بشجاعة.
فتذكر
حادثة بدأها لاعب لازيو السابق و مدير الكرة الحالي في الإنتر ميلان
سينيسا ميهايلوفيتش في إحدى مباريات اللازيو إبان قصف يوجوسلافيا من قوات
الناتو و قد أحرز هدفآ من تسديدة بعيدة و من بعد الهدف، جري اللاعب إلى
الكاميرا و خلع قميصه لنرى رسم شعار الهدف و تحته كلمة "هدف" بالإنجليزية
كناية عن أن العالم ضد الصرب في يوغوسلافيا و أنهم مستهدفون، بغض النظر عن
حقيقة الأمر من مجازر تم إرتكابها في حق البوسنة منى الجيش الصرب،. و
جرائم ضد الإنسانية حوكم و أدين رئيسهم. لكن ما فعله اللاعب اليوغوسلافي
كان من أجل حماية و تحييد المدنيين كأمر إنساني. و لم يقف الأمر على هذا
با تخطاه ليشارك جميع أصدقاء ميهايلوفيتش في الأمر.و ينقلب الإعلام
إلى مؤيد للاعب و الكل يحييه على شجاعنه و حبه لوطنه و بلاده و أن الناتو
أخطأ في حق المدنيين. و بالفعل أثر الأمر على سياسة الناتو في أسلوبه
العسكري لتحييد المدنيين اليوغوسلاف عن الضربات العسكرية
فروماريو
اللاعب البرازيلي الشهير رفع شعارات تؤيد وقف الحرب على يوغوسلافيا و أن
يحل السلام محل الضربات الجوية في إحدى مباريات الدوري البرازيلي.
و
فعل كابتن منتخب يوغسلافيا دراجون ستويكوفيتش الأمر عينه و طالب قوات
الناتو بالتوقف عن ضرب المدنيين. إذا الكرة ليست بلعبة رياضية فقط، بل هي
شيء يجمع الأنسانية عامة،و الرسالة التي يتم توجيهها عبر الملاعب و الكرة
تصل لأكبر عدد ممكن من البشر بسرعة و شفافية لأنها بعيدة عن السياسة والمكاسب الشخصية
و
كما يرفع لاعبون شعارات مع الأنسانية ، يرفع آخرون شعارات ضد الأنسانية و
من أجل و معتقدات و أيدولوجيات سياسية. و قد فعل هذا اللاعب الإيطالي
الشهير باولو دي كانيو بأدائه شعار الفاشية أكثر من مرة في الملعب، و
تعبيره في أكثر من وسيلة إعلام أن مثله الأعلى هو موسوليني الفاشي
الإيطالي الشهير. و هذا ما جذب العديد من الفاشيين لرفع أعلامهم في ملعب
لازيو جوارآ إلى شعار النازية. و قد تم تغريم دي كانيو عشرات الألوف بسبب
هذه الأعمال، و كان رده أني أفعل ما أؤمن به.
و
الأمر يتطابق مع ما فعله اللاعب الغاني بانتسيل في كأس العالم 2006 في
ألمانيا، أي مهد النازية. و هي رفعه علم إسرائيل أمام المليارات ممن
يتابعون المباراة مباشرة. اللاعب تم إعتباره أنه وفي لليهود رمز
الكرم الذين إستضافوه في أرض غير أرضهم، و قد أراد اللاعب على حد تعبيره
أن يعبر عن شكره لمن أتى خلفه إلى ألمانيا من الإسرائيليين ليشجعوه. و ما
يعجبني في الصهاينة، أنهم يظنون أن العالم بنفس سذاجة الأمريكيين في تصديق
أشياء كثيرة. و الهدف كان واضح، رفع علم إسرائيل داخل أرض ألمانيا و أمام
المليارات و كسب أكبر دعاية إعلامية كعادتهم دائمآ. و الثمن أكيد
تم دفعه مقدمآ لهذا اللاعب أو غيره في الفريق، فغانا بعيدة جغرافيآ عن
إسرائيل و لا يجمعهم غير الواقع أن الصهاينة يتحكمون بالذهب الغاني و
الماس الأفريقي و يقوموا بتسويق الحروب في غرب و وسط أفريقيا لضمان
سيطرتهم على هذه التجارة التي سمت بتجارة الدم.فهل يعقل أن يكون اللاعب الغاني فعل هذا من دافع الأنسانية ؟ و
الأوقح أن الصهاينة يضعوك في موقف المدافع إذا فعلت الأمر ذاته كما فعل
أبو تريكة، و طالبوا بعقابه، و كالعادة أرسلوا ألوف الرسائل و الشكاوي إلى
الكاف و الفيفا و "طوب الأرض" ليظهروا تريكة بصورة المتطرف. و قد كان
الأمر لينجح لولا إختيارهم لمعشوق الملايين من العرب، و اللاعب الذي فاز
أمس الأول باللاعب الأكثر شعبية في العالم. و للأسف إبتلع إعلامنا
الطعم، و بدأت الصحافة و الفضائيات في تحليل الحركة، و إيجاد مخرج قانوني
لها، و أنه "أخذ" الإنذار لأنه قام بفعل غير قانوني. فلماذا نهتم بما يقول
العالم ؟ لماذا نخاف من هجومهم علينا و نختبيء خلف أصبعنا. الحل الأنسب
كان، في كلمتين "نحن كشعب عربي ، نعتبر ما فعله تريكة هو رأينا و شعورنا و
إحساسنا الذي يتم كبته يوميآ. و تريكة عبر عنه أعظم تعبير. و "اللي مش
عاجبه، يشرب من البحر الميت" فيجب أن نتعلم ألا نخاف من قول
رأينا و على الملأ، و بدون تردد. فإذا كانت المدنية هي محاصرة شعب معدم تم
نهب أرضه و سرقتها و منع القوت و الطعام و الزاد عنه حتى يخضع، فلا يهمنا كثيرآ رأيكم فينا أو فيما نفعل و نؤمن.
و
ما أقرب نجمين كتريكة و البرازيلي كاكا من الصفات ذاتها، فقربهم إلى الله
و حبهم لخالقهم و تواضعهم و إعلانهم على الملأ عن تقديرهم لنعمة الله
عليهم لأنه المسبب لكل ما هم فيه. فهؤلاء هم ما نحتذي بهم و يكفي عشق
الملايين لهم ، فبعد أن يأتي سن الإعتزال، لن يتذكر أحد غير أن تريكة يفعل
ما يراه الأصلح للأنسانية و هو نابع من وجدانه بدون مصالح و ماديات و
غايات. فما أروع أن تكون شجاع في عالم مليء بالجبناء.